بقيع الغرقد

هذا النهج الذي رسمه أهل البيت (ع) للعلماء كافة، وهو أن لا يعتزلوا الناس، ولا يحاولوا أن يتلمّسوا لأنفسهم الأعذار في ترك الدعوة إلى الله وتثقيف الناس...

آية الله السيد محمد حسين فضل الله
يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً}. في هذا اليوم ـ الخامس والعشرين من شهر شوّال ـ نلتقي بذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق(ع)، الذي ملأ الدنيا علماً وحركة وفكراً وتقوى وورعاً، بحيث أغنى العالم الإسلامي بكل علمه في المدى الذي فُتح له، وفي مساحة الحرية التي استطاع أن يستفيد منها في فترة الصراع بين الأمويين والعباسيين، هذه الفترة التي شُغل فيها الطرفان عن التضييق على أئمة أهل البيت(ع)، كما كان يفعل أسلافهم، وكما فعل أبناؤهم.

مسؤولية العالم في نشر العلم

انطلق الإمام الصادق(ع) في إغناء الثقافة الإسلامية بالمستوى الذي انفتح فيه على كل الناس. وقد روى(ع)، أن أباه الإمام الباقر (ع)، عندما دنت منه الوفاة قال له: "يا بنيّ، أوصيك بأصحابي خيراً"، فكان جواب الإمام الصادق (ع): "والله لأدعنّهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحداً". فالإمام الصادق (ع) تعهّد أمام أبيه ـ وتلك كانت ثقافته ورسالته ـ أن يثقّف أصحابه بالمستوى الذي يحصلون فيه على الاكتفاء العلمي والثقافي، بحيث يكونون معلِّمين للناس ولا يحتاجون إلى أن يتعلّموا من أحد.

هذا النهج الذي رسمه أهل البيت (ع) للعلماء كافة، وهو أن لا يعتزلوا الناس، ولا يحاولوا أن يتلمّسوا لأنفسهم الأعذار في ترك الدعوة إلى الله وتثقيف الناس، والابتعاد عن الاستماع إلى أسئلتهم وما يحتاجونه من العلم، وأن يبادروا إلى تعليم الناس قبل أن يسألوهم، وأن يجيبوهم عما يسألونه مهما كان السؤال محرجاً، حاداً كان أو صعباً، لأن الإمام الصادق (ع) قال: "قرأت في كتاب عليّ (ع)، أن الله لم يأخذ على الجهّال عهداً بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال، لأن العلم كان قبل الجهل".

وهكذا، رأينا أن الإسلام يريد من كل مسلم أن يفرّغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه، لأنه يريد من المسلمين كافة أن يملكوا ثقافة دينهم، وأن لا يكون الدين عندهم مجرد شعائر عبادية يمارسونها في أوقاتها المعلومة، بل أن يملك الإنسان المسلم ولو بشكل تدريجي، ثقافة الإسلام، بحيث يستطيع أن يعيش في حياته ومع عائلته على أساس ثقافة الإسلام وأخلاقيته وفقهه وعقيدته، كما أنه يستطيع أن يتحوّل إلى داعية إلى الإسلام في كل بلد يذهب إليه، وفي كل مجتمع يعيش فيه. وفيما رواه الإمام الصادق (ع) قال: "قال رسول الله (ص): "أفٍّ لرجل لا يفرّغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه، فيتعاهده ويسأل عن دينه"، ونفهم من هذه الكلمة، أن النبي (ص) لم يرد من الناس أن يتبعوا الدين فحسب، بل أن يتثقفوا به، فكما يفرّغون أنفسهم للعمل ـ وتلك مسؤوليتهم ـ فإن عليهم أن يربّوا أنفسهم تربية إسلامية، فيكون عقلهم عقلاً إسلامياً، ونهجهم نهجاً إسلامياً، هكذا كان الإمام الصادق (ع) يتحرك في كل مجالات الواقع.

أحدث الاخبار

المواكب العزائية تحيي ذكرى شهادة الإمام الحسن (عليه السلام) عند العتبتين المقدستين

المواكب العزائية تحيي ذكرى شهادة الإمام الحسن (علي...

استقبلت العتبة العباسية المقدسة المواكب العزائية الوافدة إلى صحن مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)، لإحياء ذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام). وانطلقت المواكب الحسينية...

أهالي كربلاء يشيعون النعش الرمزي للإمام الحسن (عليه السلام) عند العتبتين المقدستين

أهالي كربلاء يشيعون النعش الرمزي للإمام الحسن (علي...

أحيا موكب أهالي كربلاء المقدسة ذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عبر إقامة مراسم تشييع النعش الرمزي عند مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام). ويعد...

العتبة العباسية المقدسة تقيم مجلس عزاء بذكرى شهادة الإمام الحسن (عليه السلام)

العتبة العباسية المقدسة تقيم مجلس عزاء بذكرى شهادة...

أقامت شعبة الخطابة للتبليغ الحسيني في العتبة العباسية المقدسة، مجلس عزائها المركزي بذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام). ويُقام المجلس في صحن مرقد أبي الفضل العباس (عليه...