بقيع الغرقد

 كان للامام علي السجاد (عليه السلام ) محبة واحترام كبيرين من قبل المسلمين، وتجلى ذلك في موقف الحجيج الأعظم حينما حظر الموسم الطاغية "هشام " ابن الطاغية "عبد الملك بن مروان الأموي" ولم يقدر على استلام الحجر الأسود من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه ينتظر، ثم أقبل الامام زين العبدين (ع) وأخذ يطوف فكان إذا بلغ موضع الحجر انفجر الحجيج له حتى يستلمه لعظيم معرفتهم بقدره وحبهم له على اختلاف بلدانهم وانتساباتهم، وقد سجل الفرزدق هذا الموقف في قصيدة رائعة مشهورة عندما تنكّر "هشام" عن معرفة الامام (عليه السلام) .

 الفرزدق ينتصر للامام زين العابدين

 كان الفرزدق في الحاضرين فقال لكن انا أعرفه وأنشأ القصيدة على سجيته بغير اعداد و لا تحبير .

 يَا سَائِلِي‌ أَيْنَ حَلَّ الجُودُ وَالكَرَمُ  ****  عِنْدِي‌ بَيَانٌ إذَا طُلاَّبُهُ قَدِمُوا

 هَذَا الذي‌ تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ  ****  وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

 هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ  ****  هَذَا التَّقِي‌ُّ النَّقِي‌ُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ

 هَذَا الذي‌ أحْمَدُ المُخْتَارُ وَالِدُهُ  ****  صَلَّي‌ عَلَیهِ إلَهِي‌ مَا جَرَي‌ القَلَمُ

 لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ مَنْ قَدْ جَاءَ يَلْثِمُهُ  ****  لَخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ مَا وَطَي‌ القَدَمُ

 هَذَا علی رَسُولُ اللَهِ وَالِدُهُ  ****  أَمْسَتْ بِنُورِ هُدَاهُ تَهْتَدِي‌ الاُمَمُ

 هَذَا الَّذِي‌ عَمُّهُ الطَّيَّارُ جَعْفَرٌ  ****  وَالمَقْتُولُ حَمْزَةُ لَيْثٌ حُبُّهُ قَسَمُ

 هَذَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسْوَانِ فَاطِمَةٍ  ****  وَابْنُ الوَصِيِّ الَّذِي‌ في‌ سَيْفِهِ نِقَمُ

 إذَا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا  ****  إلَی‌ مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي‌ الكَرَمُ

 يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ راحته  ****  رُكْنُ الحَطِيمِ إذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ

 وَلَيْسَ قُولُكَ: مَنْ هَذَا؟ بِضَائِرِهِ  ****  العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أنْكَرْتَ وَالعَجَمُ

 يُنْمَي‌ إلَی‌ ذَرْوَةِ العِزِّ الَّتِي‌ قَصُرَتْ  ****  عَنْ نَيْلِهَا عَرَبُ الإسْلاَمِ وَالعَجَمُ

 يُغْضِي‌ حَيَاءً وَيُغْضَي‌ مِنْ مَهَابَتِهِ  ****  فَمَا يُكَلَّمُ إلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ

 يَنْجَابُ نُورُ الدُّجَي‌ عَنْ نُورِ غُرِّتِهِ  ****  كَالشَّمْسِ يَنْجَابُ عَنْ إشْرَاقِهَا الظُّلَمُ

 بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ  ****  مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي‌ عِرْنِينِهِ شَمَمُ

 مَا قَالَ: لاَ قَطُّ، إلاَّ فِي‌ تَشَهُّدِهِ  ****  لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَؤهُ نَعَمُ

 مُشتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ نَبْعَتُهُ  ****  طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالخِيمُ وَالشِّيَمُ

 حَمَّالُ أثْقَالِ أَقْوَامٍ إذَا فُدِحُوا  ****  حُلْوُ الشَّمَائِلِ تَحْلُو عِنْدَهُ نَعَمُ

 إنْ قَالَ قَالَ بمِا يَهْوَي‌ جَمِيعُهُمُ  ****  وَإنْ تَكَلَّمَ يَوْماً زَانَهُ الكَلِمُ

 هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ  ****  بِجَدِّهِ أنبِيَاءُ اللَهِ قَدْ خُتِمُوا

 اللهُ فَضَّلَهُ قِدْماً وَشَرَّفَهُ  ****  جَرَي‌ بِذَاكَ لَهُ فِي‌ لَوْحِهِ القَلَمُ

 مَنْ جَدُّهُ دَانَ فَضْلُ الآنْبِيَاءِ لَهُ  ****  وَفَضْلُ أُمَّتِهِ دَانَتْ لَهَا الاُمَمُ

 عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإحْسَانِ وَانْقَشَعَتْ  ****  عَنْهَا العِمَأيَةُ وَالإمْلاَقُ وَالظُّلَمُ

 كِلْتَا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفْعُهُمَا  ****  يُسْتَوْكَفَانِ وَلاَ يَعْرُوهُمَا عَدَمُ

 سَهْلُ الخَلِيقَةِ لاَ تُخْشَي‌ بَوَادِرُهُ  ****  يَزِينُهُ خَصْلَتَانِ: الحِلْمُ وَالكَرَمُ

 لاَ يُخْلِفُ الوَعْدَ مَيْمُوناً نَقِيبَتُهُ  ****  رَحْبُ الفِنَاءِ أَرِيبٌ حِينَ يُعْتَرَمُ

 مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ وَبُغْضُهُمُ  ****  كُفْرٌ وَقُرْبُهُمُ مَنْجيً وَمُعْتَصَمُ

 يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ وَالبَلْوَي‌ بِحُبِّهِمُ  ****  وَيُسْتَزَادُ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ

 مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللَهِ ذِكْرُهُمْ  ****  فِي‌ كُلِّ فَرْضٍ وَمَخْتُومٌ بِهِ الكَلِمُ

 إنْ عُدَّ أهْلُ التُّقَي‌ كَانُوا أئمَّتَهُمْ  ****  أوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الارْضِ قِيلَ: هُمُ

 لاَ يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَأيَتِهِمْ  ****  وَلاَ يُدَانِيهِمُ قَوْمٌ وَإنْ كَرُمُوا

 هُمُ الغُيُوثُ إذَا مَا أزْمَةٌ أزَمَتْ  ****  وَالاُسْدُ أُسْدُ الشَّرَي‌ وَالبَأْسُ مُحْتَدِمُ

 يَأبَي‌ لَهُمْ أَنْ يَحِلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ  ****  خِيمٌ كَرِيمٌ وَأيْدٍ بِالنَّدَي‌ هُضُمُ

 لاَ يَقْبِضُ العُسْرُ بَسْطاً مِنْ أكُفِّهِمُ  ****  سِيَّانِ ذَلِكَ إنْ أثْرَوْا وَإنْ عَدِمُوا

 أيٌّ القَبَائِلِ لَيْسَتْ فِي‌ رَقَابِهِمُ  ****  لاِوَّلِيَّةِ هَذَا أوْ لَهُ نِعَمُ

 مَنْ يَعْرِفِ اللَهَ يَعْرِفْ أوَّلِيَّةَ  ****  ذَا فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الاُمَمُ

 بُيُوتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ يُسْتَضَاءُ بِهَا  ****  فِي‌ النَّائِبَاتِ وَعِنْدَ الحُكْمِ إنْ حَكَمُوا

 فَجَدُّهُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي‌ أُرُومَتِهَا  ****  مُحَمَّدٌ وَعليّ بَعْدَهُ عَلَمُ

 بَدرٌ له‌ شَاهِدٌ وَالشِّعْبُ مِنْ أُحُدٍ  ****  والخَنْدَقَانِ وَيَومُ الفَتْحِ قَدْ عَلِمُوا

 وَخَيْبَرٌ وَحُنَيْنٌ يَشْهَدَانِ لَهُ  ****  وَفِي‌ قُرَيْضَةَ يَوْمٌ صَيْلَمٌ قَتَمُ

 مَوَاطِنٌ قَدْ عَلَتْ فِي‌ كُلِّ نائِبَةٍ  ****  علی‌ الصَّحَابَةِ لَمْ أَكْتُمْ كَمَا كَتَمُوا

بعد القصيدة غضب هشام بن عبد الملك من الفرزدق و قال له : هلا قلت فينا مثلها .فقال له الفرزدق : هات جدا كجدّه وأبا كأبيه وأمّا كأمه حتى أقول فيكم مثلها فغضب عليه هشام ومنع عطاءه وأمر بحبسه ، فحُبس .

 فلما علم الامام زين العابدين (عليه السلام) بما حدث ، بعث للفرزدق باثنى عشر ألف درهم، وقال له: اعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر لدفعناه لك، فأبي الفرزدق أخذ المال ورده ثانية الى زين العابدين وقال له: يا ابن رسول الله (صلى اله عليه واله ) ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لارزأ عليه شيئا.

 فردها الإمامُ (عليه السلام) إليه وقال: (بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، نحن أهل بيت لا يعود إلينا ما أعطينا).

 ثم أنشأ الفرزدق يهجو هشاماً و و في محبسه ، وكان مما قال فيه :

 أيحبسني بين المدينة و التي  ****  إليها قلوب الناس تهوي منيبها

 يقلب رأساً لم يكن رأس سيد  ****  وعيناً له حولاء باد عيوبها

 فلما أُخبر هشام بن عبد الملك بذلك أطلقه مخافه شعره و لسانه .

أحدث الاخبار

موكب أهالي كربلاء يحيي شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) عند مرقد الإمام الكاظم (عليه السلام)

موكب أهالي كربلاء يحيي شهادة الإمام الصادق (عليه ا...

أحيا موكب أهالي كربلاء المقدسة، ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عند مرقد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، بالتعاون مع قسم الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية. وقدّم الم...

خدمة العتبتين المقدستين يُحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) عبر موكب عزاء موحد

خدمة العتبتين المقدستين يُحيون ذكرى شهادة الإمام ا...

أحيا خدمة العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، عَبرَ موكب عزاء موحد. وقدّم الموكب التعازي بهذه المناسبة الأليمة، بمشاركة عضوي مجلس إدا...

طلبة العلوم الدينية في كربلاء ينظمون مسيرة عزائية بذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

طلبة العلوم الدينية في كربلاء ينظمون مسيرة عزائية...

نظم طلبة العلوم الدينية في محافظة كربلاء المقدسة مسيرة عزائية بذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام). وقال المشرف على مدرسة دار العلم في العتبة العباسية المقدسة، ‏السيد ح...